التنوير متنازعا فيه
.د.ب12.650
هل كان التنوير في جوهره ظاهرة اجتماعية أو فكرية؟ إذا رغبنا في تشكيل مُقاربَة مُناسِبة ومتوازنة لهذا الموضوع الأساسي، لنا أن نجادل بأنه كان الاثنتيّن معًا، وأنه لزام على الواقع المادي والحياة الذهنية أن يتفاعلا بشكل حقيقي، في طريق مزدوج، عبر نوع من الديالكتيك. هل يُحدث أسلوبنا في تأويل التنوير فرقًا حقيقيًّا؟ لا مِراء في هذا؛ فعلى الرغم من أنه شاعَ في الآونة الأخيرة، خصوصًا (ولكن ليس حصرًا) في المعسكر مابعد الحداثي، التقليل من شأن التنوير لكونه منحازًا، وسطحيًّا، ومضلّلا للذات، ومسرفًا في التفاؤل، وأوروبي التمركُز، وإمبرياليًّا، وفي النهاية هدّامًا؛ فئمَّةَ مبررات وجيهة، بل ملحة، لإنكار مثل هذه الأفكار التي تسيء الفهم بشكل معمّق، وللتوكيد في المقابل على أن التنوير كان ويظلّ إلى حد بعيد العامل الأكثر إيجابية في تشكيل الواقع المعاصر ومسارات ((الحداثة)) التي يرغب في دعمها والإسهام فيها كلّ من يأمُّل في العيش وَفْقَّ مقتضيات العقل.
كنت في كتابي الأسبق، التنوير الراديكالي، قد شرعت أصِف كيف أنّ المناظرات الفلسفية في نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر قد أنتجَت الطرف الراديكالي من التنوير الغربي. أما هنا فهدَفي هو تأمين إعادة تقويم أوسع وأعم بكثير للتنوير كما تَطوَّر حتى القسم الأول من المعركة على ثنائية التنوير الأساسية، أي الصراع الداخلي بين الميول المتعارضة التي قسمته دائمًا وبشكل أساسي منذ البداية وحتى النهاية إلى معسكرات فكرية متعارضة لا سبيل لعقد مصالحة بينها. وبالقيام بذلك، سوف أحاول أن أوضح كيف انتقل المسار الرئيس في تطوّر القيم ((التنويرية)) الحديثة، تاريخيًّا وفلسفيًّا، من مركزه المبكّر في الجمهورية الهولندية إلى بقاع أخرى في أوروبا بحلول منتصف القرن الثامن عشر، وبوجه خاصّ إلى فرنسا، التي تعاظمت هيمنتها الفكرية والثقافية على انبثاق أفكار راديكالية وديمقراطية ومساواتية وتطوّرها، بدءًا من العقد الثاني في القرن الثامن عشر.
اسم المؤلف : جوناثان اسرائيل
اسم المترجم : محمد زاهي المغيربي, نجيب الحصادي
دار النشر : هيئة البحرين للثقافة والآثار
متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.